أسيوط دوت كوم- شيرين صبحي
منذ خمس سنوات قرر أيمن حسني أن يهجر قريته القاطنة في أسيوط بقلب الصعيد، ليستقر نهائيا في قاهرة المعز بأضوائها التي لا تخفت وليلها الساهر الذي لا ينام.
سحرت القاهرة أيمن منذ كان صغيرا في عامه السادس بالمرحلة الابتدائية يأتيها عاشقا مع والده ليبيع التين الشوكي ثم يعود إلى قريته أيام الدراسة حتى حصل أخيرا على دبلوم التجارة، وبدأ رحلة البحث عن عمل مثل آلاف الشباب.
استمر أيمن في بيع التين الشوكي أثناء الصيف ليحل محله خس الكابوتشي الذي يستمر في بيعه ستة أشهر بالعام خلال الشتاء والبلح في موسمه كل عام، حتى قرر نهائيا أن يصطحب زوجته وأبناءه الأربعة إلى شقة متواضعة في أحد الأحياء القديمة.
ومثلما كان أيمن يساعد والده وهو صغير، فإن ابنه الكبير حسني – في الصف السادس الابتدائي أيضا – يساعده كذلك ويقف بجوار عربة والده يزن البلح للزبائن. يقول حسني "نفسي أطلع ظابط علشان ما حدش يمشينا كل ما نقف في مكان بعربية البلح".
يضحك الوالد الذي لم يتجاوز الأربعين من عمره، ليشرح لنا كيف نميز البلح الطيب الطازج عن الأخر، يقول "البلح الحلو بيكون ( طيب على أبوه ) ينضج على النخلة وليس بعد جمعه وهذا يظهر في شكل البلحة وليونتها، أما البلح الأمهات فيتم جمعه من النخل وهو مازال أصفرا ثم يضعون فوقه خل وملح لينضج، ويكون مائعا وغالبا غير مسكر كالناضج طبيعي".
يكسب أيمن في اليوم 50 أو 60 جنيها، لكنه يحلم بوظيفة "حلوة" تكفي "العيشة الغالية" ومصاريفها، ويتعجب كيف يعيش الموظفين بمرتباتهم التي لا تكفي "العيش الحاف" في هذا الغلاء الطاحن. يقول "القيامة قامت.. الناس ماتت بالحيا، ولو فضلنا على نفس الحال الناس مش هتلاقي تاكل بعد 5 سنوات".
لا يتمنى أيمن الذي رفض تصويره، شيئا معينا. وينهي حديثه معنا بنفس الابتسامة السمحة التي لا تفارق وجهه، قائلا "إن ما عدّلهاش ربنا لوحدها مش هتتعدل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبية هام:تشكر “أسيوط دوت كوم” تفاعل جمهورها الكريم مع خدمة التعليقات، وترجوهم عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان والمقدسات، أو يحمل تجريحًا أو سبًا يخدش الحياء والذوق العام للأشخاص والمؤسسات.. وستضطر الإدارة آسفةً لحذف أي تعليق يخالف هذه الضوابط.وإدارة الموقع غير مسئولة عن التعليقات المنشورة،فهى تخص كاتبها.
"ما يلفظ من قول الإ لديه رقيب عتيد"