أسيوط دوت كوم - محمد الدسوقى رشدى
الذين أسسوا الكيان الصهيونى وسرقوا الأرض الفلسطينية وشردوا أهلها وبنوا على أطلال الأراضى المقدسة والمحتلة دولة اسمها اسرائيل.. والذين يقودون هذه الدولة المحتلة الأن ويرفعون راياتها ويحركون جيوشها يؤمنون أكثر من العرب بالمثل الشعبى القائل (الصيت ولا الغنى)..
بهذا المنطق يتحرك الجالسون على كراسى القيادة فى تل أبيب واللاعبون الأساسيون فى اللوبى الصهيونى داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول العالم، يروجون لأساطير ويرغمون العالم على تصديقها واحترامها بأقل الدلائل والوثائق والبراهين اللازمة،
وإلا بماذا تفسر نجاحهم فى ابتزاز العالم وأوربا وألمانيا على وجه التحديد بحدوتة الهولوكست؟ وبماذا تفسر قدرتهم على إرغام العالم كله على الخوف والرعب من فكرة معاداة السامية ؟ وقبل هذا وذاك كيف يمكن أن تفسر نجاحهم المبهر فى إقناع أهل الغرب بأن أرض فلسطين هى أرض يهودية فى الأساس ؟
بل وإقناع أغلب أهل الغرب بأن الذين يسفكون دماء الأطفال والمدنيين فى الشرق الأوسط هم حماس وفتح وليس جنود الجيش الإسرائيلى؟
إنهم بارعون فى صناعة ذلك بلا شك، ونحن للأسف بارعون فى السقوط فى فخ تصديقه بل والإيمان به، هم أقنعونا بأن الجيش الإسرائيلى أسطورة لا تقهر وظللنا لفترة طويلة نخشى المواجهة ونسقط مهزومين تحت وطأة تأثير الأسطورة التى نجحوا فى الترويج له دون أن نفهم أن نسقط مهزومين لأننا لم نكن يوما مستعدين حتى جاء السادس من أكتوبر ليكشف لنا زيف أسطورة الجندى الإسرائيلى الذى لا يقهر ويسقط لنا العديد من الأساطير التى نجحت إسرائيل على مدار سنوات طويلة فى ترسيخها داخل أذهان العرب، وكان أهم تلك الأساطير على الإطلاق..
هى أسطورة الموساد ذلك الجهاز العنكبوتى الذى يعرف كل شىء ويرتب لكل شئ، وقادر على أن يقتل العجل فى بطن أمه دون أن يترك أثرا.
حينما تنظر بتأن لتلك الأزمة الأخيرة التى أشعلها مؤلف مسلسل «رجل لهذا الزمان» الذى تدور أحداثه حولة قصة العالم المصرى مصطفى مشرفة، وترى أن قصة المسلسل لا تطرح من قريب أو من بعيد احتمالية أن يكون للموساد يد فى قتل العالم المصرى البارز وأنه مات بشكل طبيعى حسب تفاصيل السيناريو الذى كتبه الكاتب محمد السيد عيد مستندا إلى معلومات حصل عليها من أستاذ الدكتور عطية مشرفة، شقيق العالم المصرى الراحل..
حينما تسمع لوجهة النظر هذه لابد أن تعود لكى تتحسس تلك الأسطورة الوهمية التى زرعتها وسائل الإعلام الصهيونية داخل عقلك حول عظمة وقدرة الموساد.
ما حدث فى قضية أشرف مروان أمر آخر يدل على أننا أصبحا ضحايا فعليين لوهم قوة جهاز الموساد، بحيث جعلناه ذلك الجهاز المحترف الذى نجح فى اغتيال أشرف مروان وتجنيده دون أن يكون هناك دليل واضح على ذلك، فلقد كان اسم الموساد أول الحاضرين بعد الوفاة الغامضة لزوج ابنة عبد الناصر، والرجل المقرب من الرئيس السادات والرئيس مبارك،
بل أصبحت هناك قناعة لدى السيدة زوجته والبعض من الناس أن الموساد يقف وراء قتله، وبدأ البعض يتحدث عن ذكاء الموساد فى تنفيذ العملية بنظافة، ونجاحه فى اختراق الشرطة البريطانية لدفن القضية وعدم استكمال التحقيق فيها، غير أن ما فعله القضاء البريطاني فى قضية أشرف مروان، والذى لم يتوانَ فى إصدار مذكرات اعتقال من قبل لعدد من ضباط الموساد، ينفى فكرة تنفيذ الموساد عملية اغتيال مروان، وبالتالي ينفى وجود هالة القوة التي نحيط بها نحن جهاز المخابرات الإسرائيلي.
إنها ياسيدى قصص ولا قصص ألف ليلة وليلة يتم ترويجها لتفخيم وتعظيم جهاز الموساد أو المخابرات الإسرائيلية فهم طبقا لأسطورة جهاز المخابرات الذى لايقهر، قتلوا عبد الناصر عن بعد واخترقوا دائرة أصدقائه، وهم الذين يعرفون أرقام ومقاسات الملابس الداخلية للحكام العرب، وهم الذين يغوون كبار المسؤولين بالنساء فتنزلق المعلومات والأسرار من على ألسنتهم سهلة وبالترتيب أيضا، عشنا مع كل هذه الأساطير، وصدقنا نحن العرب أن ماتنشره إسرائيل من أكاذيب حول الموساد، وكونه أعظم أجهزة المخابرات على وجه الأرض، انشغلنا بتلك الهالة الإعلامية التى صنعتها تل أبيب حول جهازها المخابراتى وغفلنا عن النظر إلى الفشل المتتالى والمتوالى الذى يحققه الموساد على أرض الواقع.
صدقنا أن الموساد هو جهاز المخابرات الأقوى فى العالم دون أن نلتفت إلى عشرات الجواسيس ومئات الشبكات التي نجحت المخابرات المصرية فى إسقاطها فترة ماقبل حرب أكتوبر وما بعدها وفى سنواتنا الحالية الآن، انشغلنا بالأكاذيب التى تروجها تل أبيب عن جهاز الموساد، ولم نع أننا هزمناهم بالضرب القاضية حينما زرعنا رفعت الجمال أو رأفت الهجان فى قلب مؤسساتهم الرسمية الكبرى لعشرات السنين، انشغلنا بتلك الأساطير التي يروجها اللوبي الصهيوني عن الموساد والوكالة وفشله الذريع فى العثور على شاليط أو مخبئه فى غزة، الذين يراقبون كل شبر فيها بالطائرات والأقمار الصناعية أو حتى الوصول إلى أى تسوية فى شأنه، رغم أن المفتش كرومبو يمكنه بسهولة حل ذلك اللغز فقط لو سألوه عن ذلك.
كل قصص الفشل هذه سواء في ملف شاليط أو اغتيال المبحوح أو حرب تموز ومعركة الموساد مع حزب الله وكل هذا الغضب الذي تصبه صحف إسرائيل على جهاز الموساد والسخرية من ضباطه ورجاله الذين أصبحوا مكشوفين فى كل مكان، وكثرة حالات الإقالة والاستقالة لرؤوساء هذا الجهاز تؤكد وبلا أدنى شك أننا أمام جهاز مخابراتى مهزوز وحاصل على حجم أكبر من حجمه،
جهاز مخابراتى يعمل وفق نظرية «الصيت ولا الغنى»، جهاز مخابراتى تتفوق عليه مديريات أمن الصعيد من حيث القدرة على الإنجاز وتحقيق الأهداف وعدم كون الإخفاق منهجا أو عقيدة، وبالمقارنة يمكنك أن تثبت ذلك بسهولة حتى ولو كانت المقارنة هنا غير واقعية وتنتمى لأجواء الفانتازيا أكثر من انتمائها للأجواء الواقعية.
خذ عندك مديرية أمن أسيوط على سبيل المثال وضعها فى مقارنة مع جهاز الموساد وستجد بعد نظرة متأنية أن كفة مديرية أمن أسيوط التى لا تمتلك 1 % من إمكانيات هذا الجهاز المخابراتى الشهير هى الأرجح..
ففى الوقت الذى نجحت فيه مديرية أمن أسيوط فى حماية البلد من انقلاب قادته الجماعات الإرهابية عقب اغتيال الرئيس السادات وأخمدت ثروة الإرهابيين قبل أن تمتد للمحافظات الأخرى، فشل جهاز الموساد أن يتوقع لحظة حرب أكتوبر الحاسمة، رغم أن الجبهة المضادة له كانت مكشوفة أمامه بكل وضوح،
وفى الوقت الذى فشل فيه الموساد فى تحديد أماكن منصات صواريخ الكاتيوشا التى استخدمها حزب الله لإرعابه فى حرب تموز، كان رجال مديرية أمن أسيوط يصطادون بكل سهولة أعتى العناصر الإرهابية من بين مزارع القصب التى كانت تشكل موانع غير مرئية أكثر من جبال وهضاب جنوب لبنان،
وفى الوقت الذى تنجح فيه مديرية أمن أسيوط بإمكانياتها المحدودة فى مواجهة أخطر ثلاث كوارث أمنية هى الإرهاب والفتنة والثأر، يفشل جهاز الموساد بكل إمكانيته فى القضاء على القنابل البشرية والعمليات الاستشهادية ويلجأ إلى رجال السياسية الذين أنقذوه وحفظوا ماء وجهه بإنشاء الجدار العازل،
وفى الوقت الذى نجحت فيه مديرية أمن أسيوط وغيرها من مديريات أمن الصعيد فى تطهير الصعيد من العناصر الإرهابية بعد حرب صعبة وشرسة والسيطرة على جباله وجزره وترويض طبيعته الصعبة، تجد الموساد ضعيفا قليل الحيلة وغارقا فى الفشل حتى رأسه وعاجزا عن السيطرة على قطاع غزة رغم سنوات الحصار الطويلة.
إن هؤلاء الرجال المصريين الذين وضعهم القدر على كرسي قيادة مديرية أمن أسيوط أو أى من مديريات أمن الصعيد في زمن الإرهاب أو حتى في زمننا هذا فى ظل سيطرة النزعات القبلية والفتن الطائفية ولعبة الثأر والسلاح المتناثر فى كل شبر من الأرض، وفى ظل إمكانياتهم الضئيلة مثل اللواء جاد جميل واللواء نبيل العزبى الحالى والسابق أو اللواء كمال رضوان واللواء حسن على واللواء على البنا الذين جلسوا على كرسى مديرية أمن أسيوط فى فترة الثمانينات والتسعينات تلك الفترة الأخطر فى تاريخ مصر وتاريخ الصعيد بسبب النشاط غير العادى للإرهاب،
هؤلاء بلا شك وطبقا لنظرية النسبة والتناسب أفضل من السادة رؤساء جهاز الموساد الذين وضعت تل أبيب تحت أيديهم كل الإمكانيات، وكل ماهو حديث من السلاح والتكنولوجيا، ومع ذلك سقطوا وفشلوا وخسروا كثيرا من المعارك الساذجة،
وأغلبهم كانت بداية سقوطه أو نهايته بسبب عملية داخل القاهرة خسرها منكسا رأيه أمام رجال المخابرات المصرية مثل مائير عاميت الذى تمت إقالته بعد أن تم إعدام جاسوسه إيلى كوهين اليهودى المصري فى دمشق، وبعد أن أسقطت القاهرة شبكة تجسس تابعة له بشكل مباشر، عيزرا هاريل الذى فقد المنصب بعد خلافه مع بن جوريون حول مواصلة اغتيالاته للعلماء الألمان العاملين فى تصنيع الصواريخ فى مصر،
وتسفى زامير فشل فى توقع التحرك المصرى لتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل، ومائير داجان« رئيس الموساد الأكثر فشلا الذى سقط بعد فشل عملية المبحوح والسفينة التركية.
هى مقارنة قد تبدو غير واقعية كما قلنا، ولكنها تبقى مقبولة إذا رصدت حجم العمليات الفاشلة لجهاز الموساد فى السنوات الأخيرة ووضعتها بجانب مايتم توفيره له من إمكانيات مادية وإعلامية وعلمية وبشرية..
افعلها وراجع شريط إخفاقات الموساد فى الفترة الأخيرة وستجد أن أى مقارنة بينه وبين أى قسم شرطة فى الصعيد، حيث معارك الثأر والفتن والفقر لن تكون فى صالح ذلك الجهاز المترف المسمى بالموساد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبية هام:تشكر “أسيوط دوت كوم” تفاعل جمهورها الكريم مع خدمة التعليقات، وترجوهم عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان والمقدسات، أو يحمل تجريحًا أو سبًا يخدش الحياء والذوق العام للأشخاص والمؤسسات.. وستضطر الإدارة آسفةً لحذف أي تعليق يخالف هذه الضوابط.وإدارة الموقع غير مسئولة عن التعليقات المنشورة،فهى تخص كاتبها.
"ما يلفظ من قول الإ لديه رقيب عتيد"