الجمعة، 19 نوفمبر 2010

عماد الدين حسين يكتب .. خواء التجربة الحزبية


بقلم - عماد الدين حسين

الناخبون فى دائرة القوصية بمحافظة أسيوط، لم ينتخبوا مرشح فئات للحزب الوطنى منذ تأسيس الحزب، وحتى هذه اللحظة.. انتخبوا مرشحا للعمال نزل على قائمة الحزب مرة واحدة فقط.

فى كل مرة ينهزم مرشح الحزب الوطنى، ويفوز المرشح المستقل فى الانتخابات الفردية.. هنا يقوم الحزب الوطنى بعملية الإغواء والإغراء للمرشح الفائز مستقلا، ويقنعه بالانضمام له، ومعظمهم يوافق، وعندما يعيد الحزب ترشيحه على لائحته فى الانتخابات التالية يسقطه الناخبون، وينتخبون مرشحا مستقلا جديدا، فينجح، ثم ينضم للحزب وتتكرر الحكاية.


ما يحدث فى دائرة القوصية، يتكرر فى دوائر ثانية بصورة أو بأخرى، وعلى من يشكك أن يتذكر أن الحزب الوطنى فى آخر انتخابات برلمانية تمت فى نهاية عام 2005 لم يحصل على أكثر من 34٪، ثم قام بعملية الهجوم المنظم على الفائزين المستقلين، ونجح فى ضمهم ليرفع عدد مقاعده بقدرة قادر إلى أكثر من ثلثى المقاعد ما يمكنه من تمرير أى قانون يريده حتى لو كان إعلان الحرب على كوستاريكا أو إنشاء طريق برى مع بورما.

ما هو المغزى من حكاية دائرة القوصية وأمثالها والسعى الدائم لضم المستقلين؟!.

المغزى أنه ومنذ بدء تجربة المنابر «اليمين واليسار والوسط» داخل الاتحاد الاشتراكى عام 1976، ثم تحولها إلى أحزاب فى 7 يونيو من العام التالى فإن نظامنا السياسى وفى قلبه الحزب الحاكم لم يستطع أن يترك أى بصمة تربطه بالجماهير.
المسألة بعبارة أخرى: إن معظم الناخبين إذا ذهبوا لصناديق الانتخاب فإنهم يصوتون لصالح المرشح ابن العائلة أو القبيلة أو بسبب خدماته أو سمعته وليس لأن هذا المرشح عضو فى هذا الحزب أو ذاك.

إذا كان ذلك كذلك.. ألا يحق لنا أن نسأل قادة نظامنا السياسى، وقادة الحزب الوطنى لماذا يستمر فشل الأحزاب وخواء التجربة الحزبية؟!.

أغلب الظن أنه لا أحد سيجيب لأن معظمهم كان منشغلا بالمجمعات الانتخابية واستحداث نظرية جديدة فى الانتخابات والعمل السياسى هى الترشيحات المزدوجة، وسينظر لهذا السؤال باعتباره صادرا عن نفس حاقدة تعمل لحساب الإخوان والشيوعيين والناصريين وأمريكا وإيران وربما حركة طالبان!.

يستطيع قادة الحزب الوطنى أن يستمروا فى خداع أنفسهم وتصور أنهم يملكون القاعدة الشعبية، ويستطيع بعض مفكرى الحزب أن يتحدث عن الأفكار والنظريات وحتى المحاور والطرق الدائرية.. لكن عليهم أن يدركوا أن غالبية المواطنين لا تشعر بكل ذلك. ولو كانوا يصدقون فعلا «الكلام الكبير» الذى يقولونه من أوراق أعدها خبراء فى النصب والفهلوة، لوجب عليهم ان ينزلوا إلى الشارع الحقيقى ويسألوا الناس عن رأيهم فى الحزب.

شىء مؤسف ومحزن انه وبعد حوالى 35 عاما من التجربة الحزبية فإنها لاتزال هشة وغالبية أحزابنا كرتونية.
هذه النتيجة المؤلمة يتحمل وزرها جميع القوى السياسية، لكن وزر الحكومة والحزب الحاكم أكبر لأنه ببساطة يستطيع أن يلعب دورا بارزا فى علاجها.

المشكلة أن العلاج مكلف جدا.. والسبب أنه لكى تترسخ الأحزاب فى التربة السياسية فإننا نحتاج إلى ديمقراطية حقيقية، وإلى حرية تعبير، وإلى عدم وجود طوارئ، والأهم أن يكون هناك تداول حقيقى للسلطة.. إذا تحقق ذلك يمكن للمواطنين فعلا أن يصوتوا لبرامج الأحزاب وليس لأسماء المرشحين وعائلاتهم. ولأن هذا العلاج لن يحدث فإن المأساة التى نعيشها مستمرة حتى إشعار آخر.

نقلا عن الشروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تنبية هام:تشكر “أسيوط دوت كوم” تفاعل جمهورها الكريم مع خدمة التعليقات، وترجوهم عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان والمقدسات، أو يحمل تجريحًا أو سبًا يخدش الحياء والذوق العام للأشخاص والمؤسسات.. وستضطر الإدارة آسفةً لحذف أي تعليق يخالف هذه الضوابط.وإدارة الموقع غير مسئولة عن التعليقات المنشورة،فهى تخص كاتبها.

"ما يلفظ من قول الإ لديه رقيب عتيد"