أسيوط دوت كوم- شيرين صبحي
بجلبابه الصعيدي يقف عماد حسن في مكانه المعتاد بميدان التحرير، أمام عربته التي يعلوها اللب والسوداني، يتكئ بساعده على السور الحديدي وفي يمينه بضع حبات من اللب يأكلها.. ينظر إلى المارة، وفي عينيه حلم زائغ.
أتى عماد من أسيوط ليبيع اللب والسوداني في القاهرة للساهرين، بعد أن كان يعمل مبيض محارة وسقط من فوق "السقالة" فلم يستطع العودة لهذا العمل مرة أخرى بعد الإصابة. يقول "الحالة عندنا في أسيوط ضنك خالص.. الكل عندنا زارع لب وسوداني هبيع هناك لمين".
بعد إصابة عماد قرر أن يشد الرحال إلى القاهرة حيث "نداهة" يوسف إدريس التي تدعو الجميع.. "لقيت ناس من البلد شغالين هنا في بيع اللب وطلب مني صديق أن اعمل معه فوافقت".
"شغلانة مقرفة".. يضيف محمد "مش عارفين نلاقيها من الحكومة ولا البلدية.. أنا قعدت شهرين في البلد بعد الإصابة ورحت إسكندرية أدور على شغل أو مزرعة فواكه أحرصها، لكن مالقتش حاجة خالص".
تكلفة عربة اللب والسوداني 500 جنيها غير ثمن البضاعة التي يحضرها عماد من بشتيل بالقناطر، ويصل سعر كيلو السوداني إلى 15 جنيها، والسوداني الأسواني 22 جنيها، اللب الأبيض 24 جنيها، واللب السوبر 17 جنيها.
يشتري عماد بضاعته يوما بيوم، ويعمل من العصر حتى فجر اليوم التالي، حيث يركن عربته في الجراج ليعود إلى بشتيل حيث يعيش مع عدد من أصدقائه وبلدياته في شقة يدفعون لها إيجارا شهريا 150 جنيها.
لمحمد ثلاث أخوة أكبرهم في الجيش والثاني ترك التعليم ويعمل في المحارة والصغير مازال في المدرسة، وأربع بنات أخوات، بينما يعمل والده سائق. يقول: "عندما جلست في البيت خلال شهر رمضان لأن الشغل كان قليل أبويا أتخانق معي وطردني من البيت علشان اشتغل".
يعمل عماد على هذه العربة شراكة مع صديق أخر، ويحقق مكسبا يتراوح بين الـ 25 و الـ 30 جنيها في اليوم يقتسمها مع شريكه، لكن "اللي جاي على كد اللي رايح" كما يقول عماد بلهجته الصعيدي، بعد أن كانت يوميته من عمل المحارة 80 جنيها في اليوم لكنه لم يعد يستطيع الوقوف على ساقه لمدة طويلة.
أخذ عماد الإعدادية ثم ترك الدراسة من أجل العمل مثل الكثيرين من أهل القرى والصعيد، ولا يحلم إلا "بالستر.. مش أكتر" وأن يتزوج. يقول "كنت خاطب وتركت خطيبتي ما رضتش أربطها جنبي، لأن أختى كانت على وش جواز ومطلوب مني أجهزها".
"بحلم ربنا يريحني من الشغلانة دي".. يضيف عماد "أنا مش عايز فلوس بس دي سنة الحياة.. أهم حاجة راحة البال".
بعقل صعيدي رفض عماد بأسلوب قاطع أن يتصور، خشية أن يعلم أحد ماذا يعمل في مصر حيث يعتقد الجميع أنه مازال يعمل في المحارة. يقول "الشغلانة دي عندنا عيب.. لا أحد يعلم عني شيء، لكن أكل العيش مر".

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبية هام:تشكر “أسيوط دوت كوم” تفاعل جمهورها الكريم مع خدمة التعليقات، وترجوهم عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان والمقدسات، أو يحمل تجريحًا أو سبًا يخدش الحياء والذوق العام للأشخاص والمؤسسات.. وستضطر الإدارة آسفةً لحذف أي تعليق يخالف هذه الضوابط.وإدارة الموقع غير مسئولة عن التعليقات المنشورة،فهى تخص كاتبها.
"ما يلفظ من قول الإ لديه رقيب عتيد"