بقلم : محمود الجندى
فور إعلان أسم أحمد زكى بدر كوزير للتعليم بمصر ، تذكرت على الفور والده اللواء زكى بدر ..قفزت إلى ذهني صورة وزير الداخلية القوى ، والمتسرع إلى حد يمكن أن تصفه بالتهور .. نعم ، انه كان وزيراً بالغ التهور ، وكان سليط اللسان .
ولن أتطرق إلى أفعاله المسطرة في صفحات التاريخ ، ولكنني سأحكى قصة حدثت مع والدي ، وزكى بدر وقت أن كان محافظاً لأسيوط ، وهى دليل على عنف السيد المحافظ والوزير ..
ففي أحد الأيام ، فوجئ والدي بالمحافظ يستدعيه ، وكان مهندساً مسئولاً عن مرفق المياه والصرف الصحي ، وطلب منه توصيل المرافق لعدد من الأماكن المملوكة لأصدقاء بدر داخل المحافظة ،وكانوا قد بذلوا جهوداً مضنية لتوصيل المرافق " المخالفة " ولكن دون جدوى ..
وبعد أن أنتهي اللقاء ، أصر والدي على موقفة ، في حين توجهت شلة المنتفعين إلي المحافظ للشكوى من هذا المهندس " العقدة " ، فما كان من المحافظ زكى بدر ،سوى وضع مخطط لنقل والدي إلى محافظة جنوب سيناء ، إرضاء لأصحابه ..
هكذا كان يتعامل زكى بدر ، ينفى ، ويهدم ، ويسجن ،فهو الأمر الناهي داخل المحافظة ، وعلى كرسي الوزارة ..
ونعود مره أخري إلى الابن ، ففي البداية توقعت أن يكون " هذا الشبل من ذاك الأسد " ، وتوقعت أن يكون وزيراً عنيفاً ،وقاسياً ، فقد تربى في بيت أقوى وزراء داخلية مصر ..
كل هذه الأفكار وأكثر ، دارت في رأسي ، لكنني لم أتعجل الحكم على الوزير الابن ، وتركت ذلك للأيام ، فهي بمفردها كفيلة بأن تثبت وجه الاختلاف بين زكى بدر الأب والابن ..
وفوجئت بعد توليه مقاليد وزارة التربية والتعليم بعدة أسابيع ، بدعوة تصلني من الكاتب أسامة هيكل ، لحضور أول لقاء مع الوزير الجديد ،ووجدتها فرصة جيدة لمعرفة الرجل عن قرب ، خاصة بعد ما كنت أسمعه عن سياساته في إدارة جامعة عين شمس ..
وبالفعل ، تم اللقاء ، وكان الوزير مهذباً للغاية ، تقبل الأسئلة بصدر رحب ، وأجاب بصراحة شديدة .. بل أن صراحته دفعت به ليقول " أنا وزير عمري قصير ، ومش هعمر في الوزارة " ..
تحدث الرجل خلال اللقاء ، عن أحلام ، حملناها بداخلنا ، وهى أن يعود التعليم ، إلى سابق عهده ، أنتقد أوضاع التعليم في مصر ، ونظام الدراسة ، ووضع الطالب والمدرس ..
ارتسم التفاؤل على وجوه الحاضرين ، فلعل وعسى أن يصلح الابن ما أفسده الأب .. وبدأت مسيرة الوزير ، جيدة وقوية ، وأرجوا أن تستمر هكذا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تنبية هام:تشكر “أسيوط دوت كوم” تفاعل جمهورها الكريم مع خدمة التعليقات، وترجوهم عدم إضافة أي تعليق يمس أو يسيء للأديان والمقدسات، أو يحمل تجريحًا أو سبًا يخدش الحياء والذوق العام للأشخاص والمؤسسات.. وستضطر الإدارة آسفةً لحذف أي تعليق يخالف هذه الضوابط.وإدارة الموقع غير مسئولة عن التعليقات المنشورة،فهى تخص كاتبها.
"ما يلفظ من قول الإ لديه رقيب عتيد"